أخبار العاصمة

محمد بدر يكتب : من العالم لزفة العوالم والنفخة الكدابة

العمل العام التطوعي .. ..والنفخة الكذابة

كان يا مكان يا سادة يا كرام كان زمان مافيش سوشيال ميديا ولا موبايلات ولا فضائيات ولا دياولو وعلشان كده كنا لما نيجي نشوف الأسماء والقيادات والقامات اللي بتتصدر المشهد السياسي في مصر المحروسة كانت أسماء تهز رجالة بشنبات ماهو ما كانتش الحياة سداح مداح وكل من هب ودب يمسك مايك ويطل على الناس ويقول كلمتين حد محفظهمله ، وكان الشخص الواحد علشان يوصل ويبقى له تواجد بس في المشهد العام السياسي في مصر كان يطلع عينه مذاكرة وقراءة وكتابة وحضور ندوات وصالونات وقراءة ادب وشعر ورواية ولك ان تتخيل عزيزي القارئ اننا بنتكلم عن فترة كان فيها المشاهير طه حسن والعقاد وعبد الوهاب وام كلثوم صالح سليم ..الخ علشان كده تلاقي الناحية التانية على قمة الهرم السياسي بنتكلم عن النحاس و مكرم عبيد و فؤاد سراج الدين .

وده ما يمنعش انه في الوقت ده كان في متسلقين وطفيلين سياسين في مصر وكانوا في أوقات بيظهروا الساحة وفي مقدمة المشهد للحظات ويرجعوا تاني وطبعا ما كانش في أدوات إعلامية زي دلوقتي وكان كل اللي متاح ليهم هو صفحات الصحف الصفراء والاقلام المأجورة للهجوم على نجم من النجوم او قامه من القامات لصاح هذا او ذاك يعني كان بيجيبوا زفة عوالم يهاجموا بيها العالم و بعدين يختشوا على دمهم ويرجعوا يستخبوا في القاع مره تانية. لكن مع ندرة القامات في كافة المجالات ادب وفن ورياضة وسياسة قدرت زفة العوام وناسها انهم يصعدوا دراجات واحدة تلو الأخرى ليتقاسموا المشهد بل يتصدروه في بعض الأوقات . وتم استبدال زفة العوام بلجان بعوض الكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي تهاجم هذا وتمتدح ذلك …الخ
الامر الذي تطور وبدلا من ان يظهر على الساحة السياسية بعض من المرتزقة او الانتهازيين السياسية اضيف اليهم بعض من الشخصيات التافهة الأقرب للشخصية التي ابتدعها الراحل المبدع سمير غانم في فيلم الزواج على الطريقة الحديثة او من يطلق عليهم بلغة العصر الحديث الهبيدة. وللأسف مع توارى العلماء والقامات قفز على سطح المشهد السياسي في مصر بعض من هؤلاء الهبيدة وانتشروا في كافة المجالات بتجدهم مره يثوب السياسي ومره يرتدي حلة الخبير الاستراتيجي وأخرى الخبير الاقتصادي ثم يرتدي بذة المجتمع المدني ويسوق كخبير حقوقي ، ولكن المشكلة ليست في هؤلاء الأشخاص بعينهم – والذي اجهل أسماء اغلبهم – المشكلة الحقيقية في اجبار المجتمع تعاطيهم عبر زفة العوالم التي تحيط بيهم يوميا و تجدهم منتشرين في برامج عبر التليفزيون واخر عبر اليوتيوب ومواقع إخبارية ومواقع اجتماعية وحفلات تكريم ولجان الكترونية تروج لهم على نطاق واسع ..الخ لن أتحدث عن أسماء، فحقيقة لا اعرفها ولست منشغلا بها، ولكن ما يهمين هنا هي الظاهرة ذاتها ، فربما نستطيع إيجاد حلول لها.حينما يتحدث شخص جاهل بكل ما تحمل الكلمة من معاني فى السياسة، وهو لا يعرف حرفيا «الألف من كوز الدرة»، ويعتقد انه يتمكن من الاستحواذ على الكثير من المعجبين ، فهناك كارثه وانقلابا فى المفاهيم التقليدية المتعارف عليها. وحينما يراهن البعض على مثل هذا النموذج من البشر ، ثم ينتظرون فيديوهاتهم وتعليماتهم وآراءهم، فالمؤكد أن هناك شيئا كارثيا. وحينما تكون لغة الخطاب السياسى او الحزبي السائدة والموجهة من بعض متصدري المشهد للجمهور، مقتصرة تقريبا علي تعميم معلومة او حدث للأسف لم يعرف حتي حروفه ..او خلافات في الرائ وتنتهي ب شتائم بذيئة وتلقيح زي النسوان. وبعضهم يسيرو في الصفوف زي الدلاديل..

.نعم ..نحن في زمن الهبد ،

فالمؤكد أن هناك مصيبة كبرى لا نريد أن نقر بها.لا اتحدث عن الخلافات السياسية الطبيعية بين القوى والاحزاب المختلفة، حتى لو كانت غير شرعية، ولا أتحدث عن الأكاذيب والأخبار المفبركة والمضروبة و«نص اللبة»،
ولكن اتحدث عن الشخصيات الغريبة والكاريكاتورية التى حولت علم وعالم السياسة إلى مسخ كبير فى الشهور الاخيرة!! القاعدة الأساسية أنه حينما يكون من يفتون فى عالم السياسة مثل النماذج السابقة، فالخطورة الحقيقية هى أن من يستمعون وينصتون إليهم ويشاهدون فيديوهاتهم، سوف يتحولون إلى نسخ مشوهة منهم!!
المنطقى أن مثل هذه النماذج التافهة تكون سريعة الاشتعال والتوهج، لكنها أيضا سريعة الاحتراق والتلاشى.

هل نظلم هذه الشخصيات حينما نصفها بأنها تافهة؟! ..او شخصيه هبيده

الاجابة هى لا، وكلمة تافهة او هبيد هنا ليست سبا ولا قذفا، بل توصيف حالة موجودة بالفعل.
وللموضوعية فإن هذه الظاهرة ليست قاصرة على الفئة المؤيدة للحكومة فيعتقد البعض ان الامر من باب النفاق السياسي بل على العكس فالأمر مستفحل دخل التيارات السياسية المعارضة وان كان ظهروهم الإعلامي اقل من الفئة الأولى .ومن الطبيعي عندما يكون طرفي النقاش من الهبيدة سيؤدي الامر الي انتفاخ العروق وتطاير الزبد يصاحبه حركات عشوائية باليدين يمنا ويسارا بين كل من الطرفين يصاحبها كلمات تغلف بصوت تييييت وينتيهي الامر بتريند على يوتيوب يحصد ملايين المشاهدة بينا الحوار العقلاني بين طرفين كل منهم يعي ما يقوله ويحترم ما يقال من الطرف الاخر سيؤدي في النهاية فديو على يوتيوب لا يشاهده الا من شارك في صناعة محتواه و بعض القلة القلية المهتمة .والغريب ان الامر بدا ينتشر مثل النار في الهشيم البداية كانت من القنوات الرياضية طرفين اهلي وزمالك وكل واحد كان يهبد ويتخانقوا مع بعض و نجح الفيلم وجاب ملايين المشاهدات
وانتقلت العدوى اسرع من انتقال عدوى كوفيد 19وتفشت الظارهرة فى مناحٍ عديدة من حياتنا. وشاهدنا بعضا ممن دخلوا عالم السياسة «على كبر» – ، لم يسبق لهم الاشتراك فى حزب او نقابة أو حتى جمعية أهلية او حتى «جمعية تعاونية». هم دخلوا الحزب كوظيفة أو أحيانا من أجل «الوجاهة والاهبه والنفوذ..ولكن نفوذ وهمي !! – وتجدهم حينما يتحدثون فى قضايا عامة، نتذكر شخصية «منصور ابن الناظر»، التى أداها ببراعة الفنان المبدع الراحل يونس شلبى فى مسرحية «مدرسة المشاغبين»، ايوه ” الواد اللي ما بيجمعش ” كلمه من الشرق على كلمة من الغرب مافيش معلومة واحدة توحد ربنا لا يستطيع إكمال جملة أو فكرة سليمة، ولذلك نستمع إلى كوميديا سوداء تخرج من أفواههم!!
هل يعقل أن تتوارى الأحزاب والقوى السياسية المصرية وكبار كوادرها وقادتها ، وتبقى مثل الشخصيات التافهة على الساحة لتدعو الجماهير إلى حب الوطن او كرهه اليوم أو غدا او بعد غد؟!
اعلم ان العديد من قيادات العمل السياسي والعام في الأحزاب السياسية اخذوا خطوات للخلف بارادتهم الحرة احتراما لأنفسهم لانهم لم يعتادوا على الصراع في الوحل فتتسخ ملابسهم ويستمتع الطرف الاخر .
هل يعقل أن يستمر المهتمين بالعمل العام أو التطوعي او الحزبي او السياسي فى مشاهدة أراجوزات، وهم يضجون ويفتون بغير علم أو خبرة فى عالم السياسة، ثم يراهن بعضهم على أن حل مشاكل الأمة والوطن سيكون على يد هذه النوعيات؟!ما هذه الضحالة التى تجعل مثل هذه النوعيات تتصدر المشهد السياسي، وتجعلهم يعتقدون أنهم صاروا قادة رأى او كادر حزبي اوسياسي ومحركين للجماهير؟

الحوار الوطني

منذ اللحظة الأولى للإعلان عن الحوار الوطني وقد انتظرت تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطنية فالصنعة تدل على الصانع ومن ذات المنطلق انتظرت الإعلان عن مقرر اللجان والمقررين المساعدين ، ومن ثم انتظرت الجلسة الافتتاحية ثم الجلسات التالية .
حقيقية فالحوار الوطني فتح الباب امام العديد من القامات والقيادات المجتمعية والسياسية ممن توارت احتراما لعلمها ولذاتها وأعاد الحوار الوطني تلك القامات لتصدر المشهد السياسي والاجتماعي والإعلامي .
وقد توسعت دائرة الحوار لتشمل كافة الأطراف وطبيعي ان تتقدم بعض الأحزاب السياسية ببعض ممثليها من الهبيدة وهو امر طبيعي فبعضهم تصدر المشهد داخل بعض الأحزاب فالطبيعي ان يدفع له الي طاولة الحوار الوطني الا انه بدا واضح للمتلقي والمستمع الفارق الضخم فيما بين اطراف الحوار الوطني داخل اللجنة الواحد وعلى المنضدة الواحدة .عادت الناس لتتذكر كيف كانت تدار النقاشات والحوارات بين اقطاب متصارعة ومختلفة ولكنها تحترم عقلية المشاهد والمستمع ويحترم المتباريين بعضهم البعض . يمكن ان اجزم ان كان لا ينتج لنا الحوار الوطني سوى هذا المشهد فنعيما لنا به .
ولنا عودة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى